هدم حي الخيرات – ولاية الخرطوم

< 1 min read

Sudan Witness

Sudan Witness's photo
Download Report

Share Report

تحذير من المحتوى: يتضمن هذا التقرير روابط لمشاهد مصوّرة ومحتوى يحتوي على أوصاف عنف، بما في ذلك التهجير القسري للمدنيين.

في 18 مايو 2025، بدأت مقاطع مصوّرة تنتشر على الإنترنت تُظهر عمليات تدمير وإزالة للبنية السكنية في حي الخيرات، محلية شرق النيل، ولاية الخرطوم. وفي 28 مايو، أفادت إذاعة دبنقا السودانية المستقلة، نقلاً عن سكان الحي القدامى، بأن المئات من الأهالي تم إجلاؤهم، وهُدمت منازلهم دون إنذار رسمي مسبق. وقد تحقق مركز صمود المعلومات من محتوى مُنتَج من قبل مستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي وصور أقمار صناعية تُظهر دمارًا واسعًا امتد على مساحة تقدَّر بحوالي 1.39 كيلومتر مربع بين 18 و31 مايو.

 

قبل تدميرها، كان حي الخيّرات موطناً لأفراد من مجتمع الكنابي، وهو فئة مهمّشة تتعرض منذ أكتوبر 2024 لحملة من خطاب الكراهية ونشر المعلومات المضللة. وقد بدأت هذه الحملة عندما روّجت حسابات مؤيدة للقوات المسلحة السودانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي مزاعم كاذبة تتهم الكنابي بالتعاون مع قوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة (انظر تقرير «استهداف مجتمع الكنابي المهمّش في الجزيرة بحملة شرسة من الكراهية على الإنترنت»، مركز صمود المعلومات – ديسمبر 2024).

وفي يناير 2025، تحقّق المركز من وقوع أضرار ناجمة عن الحرائق في ثلاث تجمعات سكنية تابعة للكنابي في ولاية الجزيرة، يُرجَّح أنها نتجت عن هجمات متعمدة (انظر تقرير «حرائق في تجمعات الكنابي مع تصاعد العنف في أنحاء الجزيرة»، مركز صمود المعلومات – يناير 2025).

 

هدم حي الخيرات

جمع مركز صمود المعلومات عدة مقاطع فيديو نُشرت بين 19 و28 مايو، تُظهر منازل مدمرة وأضراراً لحقت بالبنية التحتية المدنية، بما في ذلك مضخة مياه. في 19 مايو، نشر حساب مؤيد للقوات المسلحة السودانية على تطبيق تيك توك، أربع صور تُظهر جرارات تقوم بهدم مبانٍ سكنية. وزعم التعليق المرفق أن الصور التُقطت في حي الخيرات بولاية الخرطوم، وأن عمليات الهدم جاءت بأوامر من الحكومة. لم يتمكن مركز صمود المعلومات بعد من تحديد الموقع الجغرافي لهذه الصور، لكنه تحقّق من خمسة مقاطع فيديو أخرى تُظهر مبانٍ مهدمة في حي الخيرات، وأكد الأضرار عبر صور الأقمار الصناعية.

في أحد المقاطع، الذي نُشر على صفحة في فيسبوك، مخصصة لشؤون النوبة في 27 مايو، يظهر عدد من الأشخاص بالملابس المدنية في اجتماع وسط مبانٍ مهدمة (الشكل 1 – فيديو 1). وقد حدّد مركز صمود المعلومات الموقع الجغرافي للمقطع على أنه ساحة داخل حي الخيرات. ويُسمع في المقطع أحد الأشخاص بملابس مدنية يعبّر عن استيائه من تكرار عمليات الهدم دون تقديم أي تفسير أو تعويض.

في اليوم نفسه، 27 مايو، نشر المجلس المركزي لمؤتمر الكنابي، مقطع فيديو على فيسبوك، تظهر فيه امرأة تتحدث أمام المجموعة نفسها وفي الموقع نفسه. وفي المقطع، تقول المرأة إنه بينما كانت قوات الدعم السريع تحتل أحياء عربية وغير عربية على حد سواء، فإن القوات المسلحة السودانية استهدفت الأحياء غير العربية فقط. كما دعت المقاتلين غير العرب الذين يتلقون أجوراً مقابل القتال إلى جانب القوات المسلحة السودانية إلى التحدث علناً عن عمليات الهدم.

وفي 28 مايو، نشر حساب مؤيد للقوات المسلحة السودانية على تيك توك، مقطع فيديو لرجل يسير وسط منطقة سكنية مدمرة، موضحاً حجم الأضرار، بما في ذلك ما يبدو أنه مضخة المياه المدمرة. وقد حدّد مركز صمود المعلومات الموقع الجغرافي لهذا المقطع على الحافة الشرقية لحي الخيرات (الشكل 1 – فيديو 2).

كما تحقّق مركز صمود المعلومات من ثلاثة مقاطع فيديو أخرى، نشرها الحساب نفسه المؤيد للقوات المسلحة السودانية عبر منصة التيك توك في 26 مايو، تُظهر أشخاصاً يرتدون زيّاً وشارات مرتبطة بالقوات المسلحة السودانية، إلى جانب أشخاص بملابس مدنية متجمعين وسط الأنقاض في حي الخيرات. وحدّد المركز الموقع الجغرافي لهذه المقاطع الثلاثة على ملعب كرة قدم يقع في الجانب الشرقي من الحي (الشكل 1 – فيديو 3).

الشكل 1: لقطات ثابتة من ثلاثة مقاطع فيديو تم التحقق منها، تُظهر الدمار في حي الخيرات بالخرطوم خلال شهر مايو، عند الإحداثيات التالية: ‎15.519720826561388, ‎؛32.72450023187179، ‎15.51769901‎؛ 32.72528593, 32.723961،15.514422.
(المصادر: الفيديو 1 – فيسبوك؛ الفيديو 2 – تيك توك؛ الفيديو 3 – تيك توك)

Latest reports, direct to your inbox

Be the first to know when we release new reports - subscribe below for instant notifications.

الأضرار: صور الأقمار الصناعية
أظهر التحليل المقارن لصور الأقمار الصناعية الصادرة عن برنامج “كوبرنيكوس” بتاريخي 17 و26 مايو أن مساحات واسعة من حي الخيرات قد هُدمت بين هذين التاريخين. وتُبيّن الصور أن مساحة تقدَّر بحوالي 1.39 كيلومتر مربع تأثرت بعمليات الهدم.

كما ايضاَ أظهر التحليل المقارن لصور الأقمار الصناعية عالية الدقة الصادرة عن بلانيت بتاريخي 2 فبراير و22 مايو الحجم الكامل للدمار واختفاء البنية التحتية السكنية (الأشكال 2 و3).

الشكل 2: صورة أقمار صناعية عالية الدقة بتاريخ 22 مايو تُظهر الدمار في حي الخيرات بالخرطوم، عند الإحداثيات: ‎15.51395, 32.72307‎.

(المصادر: جوجل إيرث، بلانيت)

الشكل 3: صور أقمار صناعية عالية الدقة بتاريخي 2 فبراير و22 مايو تُظهر الدمار في حي الخيرات بالخرطوم، عند الإحداثيات: ‎15.51395437045896, 32.72307073359245‎.
(المصدر: بلانيت)

إسناد المسؤولية
قامت عدة مصادر بالتعزية، من بينها حسابات مؤيدة للحكومة ومسؤولون محليون نقلت عنهم وسائل إعلام، مسؤولية هدم حي الخيرات إلى سلطات ولاية الخرطوم وجهات مرتبطة بالقوات المسلحة السودانية.

في 22 مايو، نشرت وكالة السودان للأنباء (سونا)، وهي الوكالة الرسمية للأخبار في السودان، بياناً مرفقاً بصور، ذكرت فيه أن والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة، والأمين العام لحكومة الولاية هادي عبد السيد إبراهيم، والمدير التنفيذي لمحلية شرق النيل مرتضى يعقوب بانقا، ومدير إدارة حماية الأراضي عبد العزيز عبد الله، أشرفوا على إزالة ما وصفته بـ “المساكن العشوائية” في منطقة الخيرات. وأشار البيان إلى أن هذه “المساكن العشوائية” كانت “تعتدي” على الأراضي. وقد قيّم مركز صمود المعلومات أن الأشخاص الظاهرين في المقطع المصوّر يشبهون إلى حد كبير حمزة وإبراهيم، لكنه لم يتمكن بعد من تحديد الموقع الجغرافي للمقطع.

في 27 مايو، نشر حساب شخصي على تيك توك، مقطع فيديو يظهر فيه رجل يرتدي زياً عسكرياً يحمل شارة جهاز الاستخبارات العسكرية، وهو يتحدث مع أشخاص بملابس مدنية وسط أنقاض ناتجة عن الهدم (الشكل 4 – فيديو 1). وفي المقطع، يقول الرجل بالزي العسكري إنه التقى بالوالي وأُبلغ بخطط لهدم مدرسة وبئر مياه في اليوم التالي. كما يذكر أن فرق الهدم كانت قد بدأت بالفعل في تدمير القرية. وحدّد مركز صمود المعلومات كذلك في مواد مصوّرة تم التحقق منها وجود زيّ آخر يرتديه غالباً أفراد الفرقة التاسعة المحمولة جواً التابعة للقوات المسلحة السودانية (الشكل 4 – فيديو 2).

الشكل 4: لقطات ثابتة من مقطعي فيديو تم التحقق منهما، تُظهر وجود عناصر من القوات المسلحة السودانية وقوات مرتبطة بها في حي الخيرات بالخرطوم، مايو 2025، عند الإحداثيات: ‎15.5141071291593, 32.724538190258095‎.

(المصادر: الفيديو 1 – تيك توك؛ الفيديو 2 – تيك توك)

في 19 مايو، نشرت سودان نيوز، الإخبارية الموالية للقوات المسلحة السودانية ،مقطعاً مصوراً يُظهر تدمير مبانٍ، مرفقاً بتعليق يفيد بأن السلطات صادرت ممتلكات منهوبة من الأحياء العشوائية في منطقة الخيرات أثناء تنفيذ عمليات الهدم. لم يتمكن مركز صمود المعلومات من تحديد الموقع الجغرافي للمقطع، إلا أن التعليق يوحي بأن سكان الكنابي مسؤولون عن عمليات النهب، وهو سرد روّجت له حسابات مؤيدة للقوات المسلحة السودانية سابقاً عند اقتحام القوات المسلحة السودانية لتجمعات الكنابي في ولاية الجزيرة. وفي فبراير 2025، وثّق مركز صمود المعلومات كذلك مزاعم نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل حسابات مؤيدة للقوات المسلحة السودانية، تتهم سكان الكنابي في الجزيرة بالنهب وتصورهم على أنهم شاغلون غير شرعيين.

وقد قوبلت عملية هدم حي الخيرات بإدانة واسعة من قبل منظمات المجتمع المدني السوداني. ففي 28 مايو، أصدر “المجلس المركزي لمؤتمر الكنابي”، بياناً أدان فيه عمليات الإخلاء، مؤكداً أن الحادثة ذات دوافع إثنية وجاءت امتداداً لتاريخ من التهميش. لم يتمكن مركز صمود المعلومات من تأكيد الادعاء بوجود دافع إثني، لكنه وثّق عدة تقارير عن انتهاكات مزعومة نفذتها القوات المسلحة السودانية أو جهات مرتبطة بها ضد الكنابي منذ أكتوبر 2024.

وتجدر الإشارة إلى أن الهجمات على تجمعات الكنابي بدأت قبل اندلاع الحرب الحالية في السودان في أبريل 2023. ففي أبريل 2018، أفادت إذاعة دبنقا، بأن الشرطة السودانية هدمت بالقوة أجزاء واسعة من منطقة كومبو أفتاس في مدينة الحصاحيصا بولاية الجزيرة، واعتقلت مدنيين من الكنابي، بينهم نساء وأطفال، كانوا يقيمون هناك.

وقد تكرر تدمير الممتلكات في المناطق التي يقطنها مجتمع الكنابي في ولايتي الجزيرة والخرطوم. وبعد هدم حي الخيرات، أفاد دعم ضحايا دارفور، بأن ما يقارب 1,000 منزل قد تضرر، مما ترك السكان بلا مأوى وأدى إلى نزوح واسع النطاق. وفي مقابلة مع النيل الأزرق، نُشرت على يوتيوب، بتاريخ 4 يونيو، صرّح عبد العزيز عبد الله أحمد، مدير إدارة حماية الأراضي وإزالة التعديات بولاية الخرطوم، بأن المستوطنات غير الرسمية “تُعتبر جزءاً من هذه الحرب، أو مساهِماً أو مساعداً فيها بدرجة كبيرة”، وأن لديهم خطة شاملة لإزالتها في مختلف أنحاء ولاية الخرطوم.

سيواصل مركز صمود المعلومات رصد عمليات الهدم وأثرها على مجتمعات الكنابي.

Share Report