هجوم على قافلة مشتركة لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة قرب الكومة

< 1 min read

Sudan Witness

Sudan Witness's photo

حرائق داخل مجمّع تابع لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) في الفاشر في 29 مايو. تظهر شاحنات البرنامج في الصورة على اليمين. [13.627981، 25.330975] (المصدر: اكس)

Summary

Download Report

Share Report

النتائج الرئيسية

  • في 3 يونيو، أصدرت كلٌّ من منظمة الأمم المتحدة لبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، بيانًا مشتركًا أعربتا فيه عن إدانتهما لهجوم، استهدف قافلة إنسانية مشتركة قرب بلدة الكومة، بولاية شمال دارفور.
  • ووفقًا لما ورد في البيان، قُتل خمسة من أفراد القافلة وأُصيب عدد آخر بجروح. وكانت القافلة تحاول الوصول إلى مدنيين محاصرين في مدينة الفاشر، في ظل احتدام القتال بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
  • تؤكّد صور الأقمار الصناعية أن القافلة وصلت إلى الكومة وتمركزت في وسط البلدة بحلول 29 مايو، ويبدو أنها بقيت على حالها في التشكيل ذاته حتى ليلة وقوع الحادثة.
  • أعاد مركز صمود للمعلومات بناء تسلسل زمني، استنادًا إلى صور أقمار صناعية ومحتوى مصوَّر أنشأه مستخدمون، وتحقّق منه المركز. وتشير المعطيات إلى اندلاع حريق خلال الليل الفاصل بين 2 و3 يونيو. وقد دمّر الحريق ثلاث شاحنات وألحق أضرارًا بأخرى، وتُظهر المقاطع المصوّرة أن الحريق بدأ من وسط القافلة. كما يبدو أن بعض الأفراد حاولوا تحريك المركبات، ربما لتجنّب انتشار النيران.
  • أعقبت الحادثة روايات متضاربة بشأن طبيعة الهجوم والجهة المسؤولة عنه. فقد اتّهمت قوات الدعم السريع القوات المسلحة بشنّ غارة جوية، بينما عزت بعض المصادر المحلية الهجوم إلى طائرة مسيّرة تابعة للجيش. في المقابل، أشار مسؤولون حكوميون ومصادر أخرى إلى أن الهجوم نُفّذ إما بطائرة مسيّرة أو عبر هجوم بري نفذته قوات الدعم السريع.
  • تحقّق مركز صمود من أن الحريق أتى على عدد من الشاحنات، إلا أنه لم يجد أدلة تدعم فرضية استخدام ذخيرة جوّية أو هجوم بطائرة مسيّرة، مثل حفرة ناتجة عن سقوط قذيفة، أو شظايا، أو نمط تناثر يُشير إلى انفجار من الجو. كما بدا أن الأضرار المرصودة محدودة نسبيًا. ولم يتمكّن المركز من تأكيد المزاعم بشأن نهب القافلة أو استيلاء قوات الدعم السريع عليها، رغم رصد مؤشرات طفيفة مثل أغطية ممزقة وعبوات تالفة. وفي نهاية المطاف، لم يتمكّن المركز من تحديد طبيعة الهجوم بشكل قاطع أو الجهة التي تقف خلفه.

المقدّمة

في 3 يونيو، أصدرت كلٌّ من منظمة الأمم المتحدة للأغذية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، بيانًا مشتركًا بشأن “هجوم استهدف قافلة إنسانية مشتركة قرب بلدة الكومة في ولاية شمال دارفور” (ويُشار إليها فيما بعد بـ”قافلة المساعدات” أو “القافلة”). ووفقًا لما ورد في البيان، أسفر الهجوم عن مقتل 5 من أفراد القافلة وإصابة عدد آخر، ما أثار مخاوف جدّية بشأن تعمّد استهداف المساعدات الإنسانية وعرقلة إيصالها إلى مناطق النزاع في السودان.

قام مركز صمود للمعلومات بجمع وتحليل صور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية وتسجيلات مصوّرة نشرها مستخدمون محلّيون من بلدة الكومة خلال الفترة الممتدة بين 29 مايو و5 يونيو، حيث وثّقت هذه المواد تحرّكات القافلة وما أعقب الهجوم من دمار. كما رصد المركز روايات متعدّدة ومتضاربة بشأن طبيعة الهجوم والجهة المسؤولة عنه. فقد اتّهمت قوات الدعم السريع الجيش السوداني بتنفيذ غارة جوية، في حين أشارت مصادر محلية إلى أنّ الهجوم نُفّذ بواسطة طائرة مسيّرة تابعة للجيش. من ناحية أخرى، زعمت جهات حكومية سودانية أنّ قوات الدعم السريع استولت على القافلة أو نهبتها، أو نفّذت الهجوم إمّا بطائرة مسيّرة، أو من خلال عملية برّية، أو بمزيج من الوسيلتين.

وقد أعاد المركز بناء تسلسل زمني للأحداث يُظهر اندلاع حريق داخل إحدى الشاحنات الواقعة في وسط القافلة المتوقفة ليلًا بين 2 و3 يونيو. وتشير المقاطع المصوّرة التي وثّقت ما بعد الحريق إلى محاولات لاحتواء النيران ومنع امتدادها. وبينما تمكّن المركز من تأكيد تدمير 3 شاحنات، لم تتوفّر أدلّة تشير إلى استخدام ذخيرة جوية أو ضربة بطائرة مسيّرة، مثل حفرة ناتجة عن الانفجار، أو شظايا، أو نمط تناثر واضح. وقد بقيت بعض الشاحنات المجاورة سليمة إلى حدّ كبير، مع ظهور مؤشّرات على تضرّرها بالحرارة، كذوبان أغطية الشاحنات وانفجار الإطارات. ومع ذلك، لا يستبعد المركز احتمال تنفيذ ضربة جوية باستخدام ذخيرة صغيرة الحجم. كما لم يتمكّن من تأكيد وقوع عملية نهب، دون أن ينفي هذا الاحتمال. وأكّد المركز أنّ الشاحنات نُقلت من الموقع بتاريخ 7 يونيو، وأن عناصر مسلّحين يرتدون زيّ قوات الدعم السريع كانوا متواجدين في بلدة الكومة قبل يوم واحد من الحادثة.

التسلسل الزمني للأحداث

أعاد مركز صمود للمعلومات بناء مسار القافلة وسياق الأحداث المرتبطة بها، استنادًا إلى صور ملتقطة عبر الأقمار الصناعية وتسجيلات مصوّرة أنشأها مستخدمون محلّيون وتحقّق منها المركز. وقد تتبّع خطّ سير القافلة المعلن، انطلاقًا من مدينة بورتسودان، مرورًا بوصولها إلى بلدة الكومة، وصولًا إلى الهجوم الذي استهدفها.

ويُبرز التسلسل الزمني محطات توقّف القافلة، وموقع تمركزها لعدّة أيام، وسلسلة الوقائع التي أدّت إلى تدمير 3 شاحنات على الأقل خلال الليل بين 2 و3 يونيو. وحتى تاريخ إعداد هذا التقرير (12 يونيو)، لم يتمكّن مركز صمود للمعلومات من الاطّلاع على خطة تحرّك القافلة التي أفادت منظمة الأغذية بأنها شاركتها مسبقًا.

Latest reports, direct to your inbox

Be the first to know when we release new reports - subscribe below for instant notifications.

الشكل 1: خريطة تُظهر نقطة انطلاق القافلة المزعومة، وجهتها، ومحطّاتها الوسيطة المصدر: مركز صمود للمعلومات حقوق النشر: المؤسسة العالمية للأنظمة الجغرافية، شركة هير، مساهمو خريطة الشارع المفتوحة، ومجتمع مستخدمي نظم المعلومات الجغرافية

3.1. – 14 مايو: برنامج الأغذية العالمي يؤكد بدء إيصال المساعدات إلى الفاشر

في 14 مايو، أعلن الحساب الرسمي لبرنامج الأغذية العالمي على إكس، أن قافلة تحمل “مساعدات غذائية وتغذوية حيوية تابعة للبرنامج” في طريقها إلى مدينة الفاشر. وقد أكّد كلّ من برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة، في بيانهما المشترك بشأن الهجوم، أن القافلة انطلقت من مدينة بورتسودان.

 29 – 3.2 مايو: توقف شاحنات المساعدات في الكومة

أظهر تحليل صور الأقمار الصناعية من “بلانت” أن القافلة وصلت إلى بلدة الكومة وتمركزت في وسطها بحلول 29 مايو (انظر الشكل 1)، وذلك على بُعد نحو 1.3 كيلومتر من الطريق الرئيس رقم 26.

وأفاد مصدران بأن القافلة كانت قد توقّفت في منطقة الدبّة بولاية الشمالية، شمال الكومة، قبل وصولها إلى موقع التمركز. أحد المصدرين هو مسؤول حكومي نقلت عنه بيم ريبورتس الإعلامية المستقلة، أما المصدر الثاني فرجل ظهر في تسجيل مصوّر نُشر على صفحة غرفة طوارئ الكومة على فيسبوك بتاريخ 3 يونيو، واقفًا أمام إحدى الشاحنات المحترقة.

ويُعزّز تموضع القافلة بعيدًا عن الطريق الرئيس في بلدة الكومة هذه الادعاءات، غير أن مركز صمود للمعلومات لم يتمكّن من التحقّق بشكل مستقل من توقّف القافلة في الدبّة، أو من تفاصيل مسارها وصولًا إلى موقع التمركز.

 29 -3.3مايو: تقارير عن قصف قوات الدعم السريع لمقر برنامج الأغذية العالمي في الفاشر وتعرضه لأضرار

تحقّق المركز صمود للمعلومات من أضرار نجمت عن حريق طال أحد مرافق برنامج الأغذية العالمي في مدينة الفاشر، في حادثة يُرجّح وقوعها بتاريخ 29 مايو، وذلك استنادًا إلى تصريح أدلى به المتحدّث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، في 30 مايو، أكّد فيه أن مقر البرنامج تعرّض لأضرار نتيجة قصف متكرّر من قبل قوات الدعم السريع.

وقد تأكّد المركز من صحة صور نشرها مني أركو مناوي، قائد القوة المشتركة الموالية للجيش، على إكس بتاريخ 29 مايو، تُظهر اندلاع النيران وتصاعد الدخان الأسود داخل مجمّع تابع للبرنامج في الفاشر (انظر الشكل 2). ويقع هذا المجمع على بُعد نحو 200 متر شمال مطار المدينة.

وتُشير تواريخ النشر وتحليل صور الأقمار الصناعية من “بلانت” و”سنتينل-2″ إلى أن الحادثة وقعت ما بين 28 و29 مايو، في حين أظهرت صور أقمار صناعية من “ماكسار” الأضرار التي لحقت بالمرفق. وفي 2 يونيو، أكّد دوجاريك مجددًا أن الحادثة وقعت في 29 مايو، مشيرًا إلى “أضرار جسيمة لحقت بمركز إنساني رئيسي”.

الشكل 2: اندلاع النيران داخل أحد مقار برنامج الأغذية العالمي في الفاشر بتاريخ 29 أيار، وتُرى شاحنات البرنامج في الصورة إلى اليمين. [25.330975، 13.627981] (المصدر: منصة إكس)

 

 31 – 3.4  مايو: تسجيل مصور يُظهر القافلة متوقفة في الكومة

حدّد مركز صمود للمعلومات الموقع الجغرافي لمقطع فيديو نُشر على حساب شخصي عبر تيك توك بتاريخ 31 مايو، ويظهر فيه أن قافلة برنامج الأغذية العالمي كانت لا تزال سليمة ومركونة في بلدة الكومة، في الموقع والتشكيل نفسيهما اللذين رُصدا في صورة التقطها القمر الصناعي “سكاي سات” التابع ل “بلانت” بتاريخ 29 مايو.

كما أظهرت منشورات سابقة على الحساب ذاته القافلة في مواقع مختلفة خلال الأسابيع التي سبقت الحادثة، ما يُرجّح أن الحساب يعود إلى شخص كان يرافق القافلة في مسارها.

5. 1 –  3 يونيو: نشر مقطع جديد يُظهر القافلة في الموقع ذاته

نُشر مقطع ثانٍ عبر الحساب الشخصي نفسه على تيك توك بتاريخ 1 يونيو، يُظهر رجالًا بلباس مدني إلى جانب القافلة المتوقفة. وقد تمكّن مركز صمود للمعلومات من تحديد الموقع الجغرافي للمقطع والتحقّق بصريًا من تطابق الشاحنات ومواقعها مع ما ظهر في مقطع 31 مايو وصورة الأقمار الصناعية الملتقطة بتاريخ 29 مايو.

وتُشير تحليلات الظلال إلى أن المقطع صُوّر في ساعات الصباح، فيما يوحي خلوّ الخلفية من الدخان بأنه سُجّل قبل الغارة الجوية المُبلّغ عنها على السوق في اليوم ذاته (انظر أدناه).

6. 1 – 3 يونيو: غارة جوية على سوق

في 2 يونيو، نشرت سودان تريبيون، تقريرًا نقلًا عن مصادر محلية، أفاد بأن غارة جوية، يُزعم أن القوات المسلحة السودانية نفّذتها، استهدفت سوقًا في بلدة الكومة بتاريخ 1 يونيو. ويُظهر تحليل صور الأقمار الصناعية من منصة “بلانت” ظهور أضرار في السوق بين 1 و2 يونيو، على بُعد نحو 480 مترًا إلى الجنوب الغربي من موقع تمركز القافلة في صباح 1 يونيو (انظر الشكل 3).

وفي 3 يونيو، نشر حساب مؤيّد للقوات المسلحة على فيسبوك، مقطعًا مصوّرًا تحقّق منه مركز صمود، يُظهر الأضرار التي لحقت بالسوق عقب الغارة المفترضة. وقد تضمّن المقطع طبقة نصيّة تُشير إلى أن التصوير جرى في 1 يونيو، وهو التاريخ نفسه المُبلّغ عن وقوع الهجوم فيه. كما رصد المركز في المقطع عناصر يرتدون زيّ قوات الدعم السريع، وهم يتفقّدون عربات فنية متضرّرة وجثّة متفحّمة.

وجمع المركز كذلك عدة مقاطع إضافية توثّق آثار الغارة، بدأت بالتداول على منصّات: فيسبوك وتلغرام، بعد ظهر 1 يونيو، لكنها لم تخضع بعد لعملية التحقّق.

الشكل 3: صور أقمار صناعية التُقطت بواسطة “بلانيت” بتاريخي 29 أيار و4 حزيران تُظهر الأضرار التي لحقت بسوق الكومة في شمال دارفور [26.019651، 13.957445] (المصدر: بلانيت).

 

3.72 يونيو: مقطع جديد يُظهر الشاحنات المتوقفة وتقريرعن احتجاز قوات الدعم السريع لقافلة إنسانية في الكومة

نُشر مقطع ثالث بتاريخ 2 يونيو عبر الحساب الشخصي نفسه على تيك توك، يُظهر قافلة برنامج الأغذية العالمي في الموقع نفسه تقريبًا، على بُعد نحو 480 مترًا إلى الشمال الشرقي من السوق الذي استُهدف في 1 يونيو. وتُظهر اللقطات الشاحنات في الوضع ذاته كما كانت في صباح 1 يونيو، بينما يظهر عدد من الرجال بلباس مدني جالسين على سور مجاور، يلوّحون للكاميرا.

وفي السياق نفسه، نقلت بيم ريبورتس الإعلامية المستقلة عن المدير العام لوزارة الصحة في ولاية شمال دارفور، إبراهيم خاطر، قوله إن قوات الدعم السريع تحتجز قافلة مساعدات إنسانية في بلدة الكومة. وأوضح خاطر أن القافلة كانت قد انطلقت من منطقة الدبّة بولاية الشمالية وكانت في طريقها إلى مدينة الفاشر.

3.823 يونيو: تدمير وإلحاق أضرار بالشاحنات

جمع مركز صمود للمعلومات وتحقّق من عدّة مقاطع مصوّرة نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بتاريخ 3 يونيو، تُظهر احتراق ما لا يقل عن ثلاث شاحنات بالكامل، إلى جانب أضرار لحقت بشاحنات أخرى[1]. ولا تُظهر هذه المقاطع وجود جثث في موقع الحادثة.

استند المركز في تحليله إلى صور أقمار صناعية عالية الدقّة من منصة “بلانت” التُقطت بتاريخي 29 مايو و4 يونيو، وقارن من خلالها مواقع الشاحنات وخصائصها مع ما ظهر في المقاطع المصوّرة المُتحقَّق منها، وذلك بغرض إعادة بناء ما جرى خلال الليل الفاصل بين 2 و3 يونيو، بما يشمل الأسباب المحتملة لتفرّق الشاحنات عن تشكيلها السابق بعد الحريق. ومع ذلك، لم تكن البيانات البصرية كافية لتحديد هويات جميع الشاحنات وعددها الإجمالي البالغ 15 شاحنة. ولأغراض التحليل، اعتمد المركز تصنيفًا حرفيًا للشاحنات، من (أ) إلى (ز).

تشير المعطيات المستخلصة من الأقمار الصناعية والمقاطع المصوّرة والتقارير الثانوية إلى أن الحادثة وقعت ليلًا بين 2 و3 يونيو. فقد رصد نظام “فيرمز”، التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لإدارة معلومات الحرائق، مصدرين حراريين عند الساعة 1:07 فجرًا يوم 3 يونيو، في المواقع ذاتها التي أظهرت فيها صور “بلانت” ليومي 2 و3 يونيو علامتين جديدتين للحريق تفصل بينهما مسافة تُقدَّر بنحو 200 متر. وفي صباح اليوم نفسه، بعد الساعة 6:00، بدأ تداول عدّة صور ومقاطع تُظهر ثلاث شاحنات مدمّرة لا تزال الأدخنة تتصاعد منها. وقد تحقّق المركز من تطابق هذه المواقع مع علامات الحريق الظاهرة في صور الأقمار الصناعية. ويتّسق هذا مع شهادة نقلتها منظمة “دعم ضحايا دارفور” في 3 يونيو، تفيد بأن الحريق اندلع قرابة منتصف الليل.

ويُظهر تحليل مواضع الشاحنات وطبيعة الأضرار المرصودة في المقاطع، بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية عالية الدقّة المُلتقطة في 4 يونيو (انظر الشكل 4)، تسلسلًا يُشير إلى أن الحريق اندلع أولًا في شاحنة وسط القافلة (شاحنة “و”[2])، تلت ذلك محاولات من بعض الأفراد لإبعاد شاحنات أخرى من المكان، في محاولة لاحتواء النيران.

استند هذا التحليل إلى مصادر متعدّدة، من بينها مقطع نُشر على صفحة “غرفة طوارئ الكومة” على فيسبوك يُظهر الشاحنات المحترقة من زوايا مختلفة، وصور نشرتها تنسيقيات لجان المقاومة في الفاشر، إضافة إلى مقطع مصوّر جديد من الحساب الشخصي ذاته الذي سبق أن نشر لقطات للقافلة قبل الحريق.

وتُشير البيانات إلى أن شاحنة “و” كانت مصدر الاشتعال الأول، حيث سُجّلت أضرار واضحة في الشاحنات المحيطة بها، وبالأخص الشاحنات “أ”، “د”، و”هـ”، وتحديدًا في الجوانب المقابلة لشاحنة “و”. في المقابل، تظهر شاحنة “ز”، التي كانت متوقفة إلى جنوب “و”، محترقة بالكامل في المقطع المصوّر بتاريخ 3 يونيو.

ورصد المركز الشاحنتين “د” و”هـ” بإطارات منفجرة وأغطية برتقالية ذائبة، وذلك في المقاطع المصوّرة بعد الحريق (انظر الشكل 4). وتُظهر المقاطع السابقة أن الشاحنة “د” كانت متمركزة شمال شاحنة “و”، وتوجّه الجزء المتضرر منها نحو مركز الحريق. أما شاحنة “هـ”، فلم تكن واضحة في اللقطات السابقة التي التُقطت من زاوية شمالية ولم تُظهر الجانب الجنوبي للقافلة. ومع ذلك، وبالاستناد إلى نمط الضرر (انفجار الإطارات وذوبان الغطاء) والتشكيل العام، يُرجَّح أن شاحنة “هـ” كانت متمركزة أمام الشاحنة المدمّرة “ز”، وإلى يسار شاحنة “و” (انظر الشكل 4)، وهو ما يتّسق مع الأضرار المرصودة في الجهة الخلفية اليمنى منها، إذا ما افترضنا أن الحريق بدأ من شاحنة “و”.

تتضمّن المواد المصوّرة التي جرى تحليلها صورًا نُشرت على صفحة فيسبوك تُعرّف عن نفسها بأنها “غرفة طوارئ محلية الكومة”، أُنشئت في عام 2024، وصورًا من صفحة تنسيقيات لجان المقاومة في الفاشر على فيسبوك، بالإضافة إلى منشورات لصحفي مؤيّد للقوات المسلحة على فيسبوك، وحسابات شخصية على تيك توك تنشر بشكل متكرّر مقاطع تُظهر شاحنات المساعدات وقوات الدعم السريع، نُقلت لاحقًا عبر تلغرام.

[2]  من المحتمل أن تكون الشاحنة “ج” هي التي اشتعلت أولًا، أو أن الشاحنتين “ف” و”ج” اشتعلتا في الوقت نفسه. ومع ذلك، واستنادًا إلى المقاطع المصوّرة المتوفّرة والأضرار المرصودة على الشاحنات التي يُرجَّح أنها كانت تواجه “ف” و”ج” وقت وقوع الحادثة، يبدو أن احتمال اشتعال الشاحنة “ف” أولًا هو الأرجح قليلًا.

الشكل 4: صور أقمار صناعية التُقطت بواسطة “بلانيت” تُظهر شاحنات برنامج الأغذية العالمي مصطفّة جنبًا إلى جنب في 29 أيار (الصورة المُصغّرة في الأسفل)، ثمّ متناثرة ومتضررة في 4 حزيران (معلّمة باللون الأبيض). لم يتمكّن مركز صمود للمعلومات من تحديد ومطابقة كلّ شاحنة على نحوٍ قاطع في صورة 4 حزيران، إلا أن العدد الإجمالي يتوافق مع 15 شاحنة كما ورد في بيان برنامج الأغذية العالمي ومنظمة اليونيسف. إضافة إلى ذلك، طابق المركز بين معالم ومواقع عدد من الشاحنات الظاهرة في اللقطات المصورة والصور الفضائية. الموقع الذي كانت تقف فيه الشاحنة (د) بتاريخ 3 حزيران معلم بخط متقطع لكونها غير مرئية في صورة 4 حزيران. الصور المصغّرة تُظهر الشاحنتين (د) و(هـ) بإطارات مفرغة من الهواء وشُرُف مغطاة محترقة.
[
26.023162، 13.960040] (المصدر: مركز صمود للمعلومات، حقوق الصورة محفوظة © 2025 لمؤسسة بلانيت لابز، فيسبوك – أعلى اليسار، تيك توك – أعلى اليمين).

تُظهر اللقطات وجود شاحنة رابعة تضررت على الأرجح نتيجة تموضعها بجوار الشاحنة “و”، إضافة إلى شاحنة ثالثة احترقت بالكامل (الشاحنة “أ”)، التي ظهرت خلف الشاحنة “و” في مقطع القافلة المنشور بتاريخ 31 مايو (انظر الشكلين 4 و5). وبحلول 3 يونيو، رُصدت الشاحنة “أ” وهي لا تزال تنبعث منها الأدخنة على بُعد نحو 200 متر غربًا. وقد أُلحقت أضرار كبيرة بمقدّمة الشاحنة—الجزء المجاور للشاحنة “و” في مقطع 31 مايو—بينما لم تظهر علامات حريق على الجزء الخلفي حيث تمت إزالة الغطاء القماشي (انظر الشكل 5). وتشير هذه المعطيات إلى احتمال أن الغطاء القماشي أُزيل في محاولة لإنقاذ المساعدات الإنسانية بعد اندلاع الحريق في الشاحنة.

الشكل 5: لقطة مقتطعة من تسجيل مصوّر نُشر في 31 أيار تُظهر ما يبدو أنها الشاحنة (أ) مصطفّة خلف الشاحنة (ف) (أعلى اليسار)، وصور تُظهر الشاحنة (أ) في صباح 3 حزيران وقد دُمّرت بالكامل بفعل الحريق وأُزيل الغطاء القماشي (الشادر) من أحد جوانبها.
[
26.02186، 13.95967] (المصادر: تيك توك – أعلى اليسار، فيسبوك – أسفل، فيسبوك – أعلى اليمين).

حدّد مركز صمود للمعلومات شاحنةً إضافية متضرّرة (الشاحنة “ب”) ظهرت في تسجيلات نُشرت بتاريخ 3 حزيران 2025. وقد ظهرت هذه الشاحنة في مقدّمة القافلة في تسجيلات سابقة نُشرت في الأول والثاني من حزيران (انظر الشكل 4). وأظهرت لقطات ما بعد الحريق أن الإطارين الأماميين للشاحنة قد انفجرا، بالإضافة إلى إطارٍ خلفي في المقطورة (انظر الشكل 6).

الشكل 6: صورة التُقطت صباح 3 حزيران (يسار) ولقطة مقتطعة من تسجيل مصوّر يُزعم أنه صُوّر في 5 حزيران (يمين).
(
المصدر: فيسبوك، تيليغرام).

 

3.9 يونيو – انتشار الشاحنات في المنطقة

بحلول 4 يونيو، كانت الشاحنات قد تفرّقت على امتداد مسافة تُقدَّر بنحو 400 متر (انظر الشكل 4). بقي بعضها في نفس الموقع الذي ظهرت فيه يوم 3 يونيو، بينما نُقلت أخرى مجددًا. وبما أن جميع الشاحنات لم تظهر في المواد المرئية التي تم التحقّق منها من يوم 3 يونيو، لم يتمكّن مركز صمود للمعلومات من بناء تسلسل زمني يشمل كافة الشاحنات.

3.10 يونيو – تفريغ الموقع من الشاحنات

 حلّل مركز صمود للمعلومات صور الأقمار الصناعية الملتقطة عبر “ماكسار” و”بلانت” بتاريخ 6 و7 يونيو، وتوصّل إلى أن جميع الشاحنات، باستثناء تلك التي دُمّرت، قد نُقلت لاحقًا من مواقعها المتفرّقة التي ظهرت فيها يوم 4 يونيو. وأفادت سودان تريبيون في 6 يونيو، بأنّ وزارة الخارجية السودانية اتهمت قوات الدعم السريع بـ”الاستيلاء على ما تبقى من المساعدات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في منطقة الكومة”. ولم يتمكّن مركز صمود للمعلومات من التحقّق من هذه الادعاءات أو تحديد الموقع الجديد للشاحنات حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

4التبعات وتحليل الادعاءات

لا تزال الجهة المسؤولة عن الحادث غير مؤكدة. وقد حلّل مركز صمود للمعلومات التسجيلات المتاحة في ضوء ثلاث روايات رئيسية طُرحت عقب الواقعة: قصف جوي من قبل القوات المسلحة السودانية، ضربة بطائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع، أو هجوم بري ترافق مع استيلاء على القافلة.

في 3 يونيو، نشر الحساب الرسمي لقوات الدعم السريع على تلغرام صورًا تُظهر دمار قافلة برنامج الأغذية العالمي، مدينًا الحادث ومتهمًا القوات المسلحة بتنفيذه عبر قصف جوي. وفي اليوم نفسه، اتهمت صفحة غرفة طوارئ محلية في الكومة القوات المسلحة بقصف القافلة بطائرة مسيّرة.

ورغم هذه الاتهامات، لم يرصد مركز صمود للمعلومات أدلة كافية تؤكّد وقوع قصف جوي، إذ لم تُسجَّل مؤشرات على نقطة سقوط قذيفة، أو بقايا ذخيرة، أو أضرار ناتجة عن شظايا، أو نمط تفجّر واضح حول الشاحنات. علاوة على ذلك، بدت الأضرار محدودة مقارنة بما يُتوقَّع من ضربة جوية أو من ذخيرة كبيرة تُطلق من طائرة مسيّرة. وتشير التسجيلات المتوفّرة إلى أن الأضرار الأساسية طالت الشاحنات “أ”، “ف”، و”ج”، وربما فقط الشاحنة “ف”. أما الشاحنات المجاورة، فقد ظهرت بأضرار طفيفة، كذوبان الأغطية أو انفجار الإطارات، وهي مؤشرات توحي بتأثّرها بحرارة الحريق أكثر من انفجار مباشر.

مع ذلك، لا يُستبعد احتمال تنفيذ ضربة جوية محدودة باستخدام ذخيرة صغيرة، قد تكون أُسقطت بين الشاحنتين “ف” و”ج”، ما يُفسّر تعرّضهما للضرر الأكبر. يُذكر أن مركز صمود سبق أن وثّق عدّة ضربات جوية نفذتها القوات المسلحة السودانية في دارفور، غالبًا باستخدام ذخائر غير موجهة. إلا أنه من غير الواضح ما إذا كانت القوات المسلحة تملك حاليًا القدرة على شن ضربات بطائرات مسيّرة في المنطقة، إذ لم تُسجَّل أي حوادث مؤكّدة من هذا النوع حتى تاريخ إعداد هذا التقرير.

في المقابل، نقلت منصات إعلامية مثل سودان تريبيون، دارفور 24، وبيم ريبورتس تصريحات لمسؤولين حكوميين تفيد بأن القافلة تعرّضت لهجوم بطائرة مسيّرة تابعة لقوات الدعم السريع، على الرغم من سيطرة هذه القوات على المنطقة. ولم يلاحظ مركز صمود مؤشرات تدل على ضربة كبيرة بطائرة مسيّرة تابعة للدعم السريع، إذ بقيت الأضرار محصورة. إلا أن احتمال استخدام طائرة مسيّرة تجارية لإسقاط عبوة متفجّرة يظل قائمًا، إذ يمكن أن تُحدث مثل هذه العبوات أضرارًا محدودة.

كما ادّعى عدد من المسؤولين الحكوميين أن قوات الدعم السريع استولت على القافلة ونهبتها، وقتلت أفرادًا من طاقمها. ونشرت تنسيقيات لجان المقاومة في الفاشر على فيسبوك اتهامات مماثلة، مشيرة إلى وقوع استيلاء، ونافِية في الوقت نفسه فرضية قصف بطائرة مسيّرة تابعة للقوات المسلحة. وفي 4 يونيو، نشر مني أركو مناوي منشورًا يتّهم فيه قوات الدعم السريع بالهجوم على القافلة بعد أن رفض طاقمها تغيير وجهتها من الفاشر إلى موقع آخر.

ولم يتمكّن مركز صمود من تأكيد واقعة الاستيلاء أو النهب. فعلى سبيل المثال، الشاحنة “ب”، التي يُعتقد أنها كانت في مقدّمة القافلة، ظهرت بأضرار في إطاراتها رغم ابتعادها عن مركز الحريق، ما يُضعف احتمال تعرّضها لانفجار أو حرارة مباشرة. كذلك، تُظهر اللقطات المتاحة مؤشرات قد تُفسّر على أنها دليل على نهب، مثل تلف التغليفات أو فقدان القماش من إحدى الشاحنات، إلا أن غالبية الشاحنات في الصور الجوية والمقاطع المصوّرة بدت مغطاة وسليمة. وقد تُفسَّر هذه المؤشرات أيضًا كمحاولات لإنقاذ المساعدات من الاحتراق.

ويُشار إلى أن مركز صمود تأكّد من مغادرة الشاحنات للموقع بتاريخ 7 يونيو، كما تأكّد من وجود مقاتلين يرتدون زيّ قوات الدعم السريع في بلدة الكومة قبل الحادثة بيوم واحد، أثناء توثيق الغارة على السوق في 1 يونيو.

  1. تتضمّن المواد المصوّرة التي جرى تحليلها صورًا نُشرت على صفحة فيسبوك تُعرّف عن نفسها بأنها “غرفة طوارئ محلية الكومة”،  أُنشئت في عام 2024، وصورًا من صفحة تنسيقيات لجان المقاومة في الفاشر على فيسبوك، بالإضافة إلى منشورات لصحفي مؤيّد للقوات المسلحة على فيسبوك، وحسابات شخصية على تيك توك تنشر بشكل متكرّر مقاطع تُظهر شاحناتالمساعدات وقوات الدعم السريع، نُقلت لاحقًا عبر تلغرام.
  2.   من المحتمل أن تكون الشاحنة “ج” هي التي اشتعلت أولًا، أو أن الشاحنتين “ف” و”ج” اشتعلتا في الوقت نفسه. ومع ذلك، واستنادًا إلى المقاطع المصوّرة المتوفّرة والأضرار المرصودة على الشاحنات التي يُرجَّح أنها كانت تواجه “ف” و”ج” وقت وقوع الحادثة، يبدو أن احتمال اشتعال الشاحنة “ف” أولًا هو الأرجح قليلًا.

Share Report